رحلة طيران بدر وبكرة يا الخرطوم تعودي

كانت لفتة بارعة من كابتن رحلة طيران شركة بدر التي كانت تحلق في سماء مدينة بورتسودان استعداداً للهبوط ، عندما ودّع الركاب وتمنى لهم إقامة طيبة في مدينة بورتسودان ثم ختم تعليمات الهبوط المعتادة بأبيات من قصيدة: بكرة أحلى .. بكرة يا الخرطوم تعودي وترجع أم در لي أمانا ..

لكن مواقع التواصل الاجتماعي أبت إلا وأن تحرّف الحادثة وتضع عليها الكثير من البهارات وتحولها إلى دراما هندية حزينة حينما زعمت أن الطائرة كانت تحلق في سماء جدة استعداداً للهبوط في جدة وأنها تحولت بسبب القصيدة إلى بيت بكاء اختلط فيها نحيب النساء ودموعهن بنشيج الرجال استمر حتى نزول الركاب إلى صالة الوصول حتى أن موظفي جوازات جدة دهشوا وسألوهم: يا ناس مالكم ؟ بتبكوا مالكم ؟ المات ليكم منو ؟

يا ناس .. دعوا الحقائق كما هي ..

ما قامت هذه الحرب إلا لأننا استسهلنا الكذب حتى صار أمراً عادياً في حياتنا اليومية..

صارت حياتنا كلها كذباً وتزويراً وفبركات وقصصاً من نسج الخيال..

صرنا نكذب ونحن نبيع ونشتري.. ونحن نسافر .. نكذب ونحن نقرأ وندرس .. نكذب في أوقات السلم وفي أوقات الحرب.

نكذب في البيت وفي الشارع نكذب ونحن في المسجد .. صرنا نكذب بسبب وبلا سبب .. نكذب في كل الأحوال ولا نبالي.

امتلأت تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي بالصور المعدلة ومقاطع الفيديو المفبركة والتسجيلات الصوتية المجهولة والمقالات المضروبة حتى فقدت هذه التطبيقات مصداقيتها عند الكثيرين..

يا ناس .. دعوا الحقائق كما هي .. إذ ما أجمل الحقيقة الناصعة والمجردة ..

(ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)

ودمتم بخير ..